هذه الرواية حصري على موقع دريمسيز، ممنوع النسخ منعاً باتاً نظراً لحقوق الملكية الفكرية ومن يخالف ذلك سيخضع للمسائلة.
وإن سألوك عن الغدر فخص بالذكر من جاءك لاجئ فآويته، ومن جاءك محروم فأكرمته، ومن جاءك مشرد فاحتويته، وإذا بطعنة غادرة تأتيك ممن آويت وأكرمت واحتويت.
داخل سجن الجزيرة تحديداً غرفة الكشف.
وكأنه صعق بكابل كهرباء عمومي، ملمس باطن كفها على شفاهه، جعل بدنه يقشعر، وتملكته حالة لم يعايشها من قبل، حتى أثناء مضاجعته لأكثر نساءه فتنة، لم يشعر بتلك الحالة.
رجفة لذيذة امتدت على طول عموده الفقاري مصدرها هي، وكأن تأثير جاذبيتها الطاغية أرسل نبضات عصبية إلى حبله الشوكي الذي قام بدوره ببث تلك النبضات إلى مراكز الحس بالمخ، مصدراً استجابة للمؤثر خضع لتلك الاستجابة الحسية قلبه الذي اعتصرته بين أناملها الرقيقة وعينيه الهائمة بها، أما عن الاستجابة العضلية فكان رد فعله المنعكس أن استماتت قبضته على كف يدها يجذبه إلى صدره موضع النبض.
تنهيدة شوق بدرت عنه وهو مغمض العينين، وذلك عندما استقر كفها على صدره.
حالها لم يكن أفضل منه، فهو أيضاً له تأثيرٌ بالغ عليها؛ مما جعلها تنفض يدها عنه، وهو لم يعارض، بل أراح جسده إلى الخلف ولازال تحت تأثير سطوتها عليه.
سألها بصوت تحشرجت نبراته من فرط إحساسه بها:
-ما اسمك سمرائي؟
أجابته بتيه:
-“غادة”.
أعاد ذكره بتمهل وكأنه يستلذ بنطق حروفه:
-“غادة”!! اسم غريب!!
اعتدل في جلسته مصوباً نظره إليها، متسائلاً:
-ماذا يعني هذا الاسم سمرائي؟
أجابت:
-إنه اسم عربي، صفة، إذا وصفت به شجرة تعني الغضة الكثيفة، وإذا كان الموصوف امرأة تعني الحسناء الرقيقة.
“ريكا”:
-وإذا كان الموصوف أنت سمرائي، فإنه يعني حسنائي الرقيقة الغضة.
زوت ما بين حاجبيها، تردد باستياء:
-سمرائي؟! وحسنائي؟! لم تضيف ياء الملكية؟! أنا لست خاصتك، ولن أكون ملكاً لأحد.
“ريكا” بإقرار:
-لا سمرائي وغادتي الحسناء، أنت خاصتي.
لا تعلم ذلك الإحساس بالراحة الذي تخللها أثناء حديثه معها، ولم إصراره على أنها عائدة إليه لاقى استحسان من قِبَلِها.
لم تجب على تساؤلاته من الأساس!! فهو حالة وهي طبيبة!!
هم بالحديث، يريد أن يعرف كل شيء عنها، إلى أي بلد تنتمي؟ وهل هي مرتبطة أم لا؟ رغم أن جوابها على هذا السؤال تحديداً مجرد تحصيل حاصل.
فإذا كانت مرتبطة أو متزوجةحتى، فحصولها على لقب أرملة لن يكلفه شيئاً، فقط رسالة وانتهى الأمر.
وقبل أن يغدقها بسيل من التساؤلات، استمع كلاهما إلى صوت طرق على باب الغرفة.
أجلت “غادة” صوتها، سامحة للطارق بالدخول :
-ادخل.
تقدم القائد “أريان” يحاول التحدث بثبات، فقد ظن أن “ريكا” لن ينجو بعد أن رآه بموقع الحادثة.
إصابة المهاجم كانت في مقتل، كما أنه عانى نزيف حاد أثر الطعنة.
ظن “أريان” بما أنهم في تلك الجزيرة النائية، حتى لو لم تنهِ تلك الطعنة حياته، فحتما لن تستطع طبيبة مثلها حديثة التخرج إسعافه خاصة في ظل إنعدام الإمكانيات.
ولكن الحالة التي يرى “ريكا” عليها الآن خرقت كل التوقعات.
قدم “أريان” إلى غرفة الكشف؛ ليستلم تقرير بأسباب الوفاة، وهو يمني نفسه بخبر يقين يقربه من تقديم طلب التقاعد، فما قيمة راتبه أمام ما سيمنحه إياه “نك”.
خمسة مليون دولار مبلغ لم ولن يتحصل عليه إذا بقى في وظيفته براتبها الزهيد لعشرين عام إضافية، وتلك المدة غير مسموح بها أيضاً فأمامه ثمانية عشر عاماً على التقاعد كحد أقصى.
“أريان” هو القائد الأعلى ل”سجن الجزيرة”، معروف بصرامته، ويشهد له قادته وزملائه بالنزاهة والشرف، ذاك الراتب الزهيد حسب منظوره ومتطلبات هوايته المفضلة بشغفها الذي ملكه.
ف”أريان” قد تخطى عامه الأربعين بعام أو اثنين، ولكنه لا يملك سوى راتبه، وحتى هذا الراتب لا يهنئ به
ثلاثة أرباعه يخرجه ضريبة لهذا الشغف، الذي حال دون استقراره، وأن يكوِّن عائلة، نعم التزم في علاقات مع الجنس الآخر، وهو يحلم بأسرة مستقرة.
ولكن عندما تعلم صديقته المقربة ولهه ب”المقامرة”، تنفصل عنه على الفور.
وكانت هوايته تلك سبباً في طلبه قيادة هذا الصرح النائي؛ ليُشفَ من شغفه المرضيّ هذا، ولكن عندما يأتي ميعاد إجازاته لا يستطع مقاومة إدمانه.
وتبدأ تلك الأعراض الإنسحابية لإدمانه هذا بالظهور متمثلة في الإحساس بالملل، ورغبة في مجالسة رفقة السوء، وأنامله التي ترتجف وكأنها تطالبه بمعاودة ملامسته لأكسيرها “بطاقات اللعب”، صكوك العملات التي يستبدل نقود مراهناتهم بها.
حتى فوجئ “بنك” أثناء إجازته الأخيرة التي أنتهت منذ خمسة أيام، يقتحم عليه شقة صديقه التي يديرها للمقامرات في سرية؛ تهربا من الضرائب وحفاظا على ستر الشخصيات الهامة صاحبة المناصب العليا من زبائنه الذي كان “أريان” من من دائمي روادها.
Flash Back